كتبت ريتا شمعون:
ماذا تنتظر من دولة تسود فيها ثقافة اختراق قانون السير في لبنان ولا رادع للخارجين عنه؟
المسؤولون أصلاً في لبنان لا يعرفون عن حوادث السير المميتة ولا تعنيهم السلامة المرورية، فلا أرقام حوادث الطرق في لبنان ولا الطرقات الرديئة، ولا تعقيدات الحياة على يوميات اللبنانيين والإنهيار الذي أصاب كل شيء.
ولا تظنوا أن تجاوز مأساة حوادث السير بالهين لا شيء يمرّ سهلا على اللبنانيين، الاحصاءات تنذر وتتكلم، في بلد صغير مثل لبنان 45 قتيلا و263 جريحا هم حصيلة حوادث السير في لبنان في شهر آب الفائت فقط، و28 ضحية و136 جريحا و117 حادث لنصف أيلول الحالي، بأزمة تتعدى ارتباطها بالقانون الذي يسبب حوادث السير.
ولا تعنيهم السير في لبنان لتصل الى الطرقات الرديئة التي تغيب عنها الصيانة منذ عقود، ليحتل لبنان المرتبة الأولى عربيا في نسبة حوادث السير.
لكن إذا نظرنا الى الواقع، نرى أن كل هذه الظروف لا وجود للدولة وأجهزتها على الأرض في لبنان إلا من حيث الوعي، كالذي تقوم به جمعية اليازا. يوضح منسق اليازا في بيروت سمير سنّو في حديث لجريدة «الشرق» أن هناك عوامل عدة تساهم في حدوث حوادث سير بهذه النسبة التي نشهدها في لبنان مباشرة وغير مباشرة.
الأسباب غير المباشرة منها ما يتعلق بعدم التشديد في تطبيق قانون السير الذي أقرّ في العام 2012 وساهمت في وضع القانون اليازا وعلى الرغم من اقراره فشلت الدولة في تطبيقه ولا يزال القديم هو المطبق، لأنه للأسف، السياسة أوقفت العمل بالقانون الجديد، مشيرا الى ان اليازا لم تستسلم وقامت بالضغط على وزارة الداخلية لإجراء بعض التعديلات حيث تم تركيب رادارات لتحديد سرعة كل سيارة من المفارق الى التقاطعات والأوتوسترادات في العام 2015، ووفق مقاربة علمية، فإن تلك الإجراءات الرادعة كانت سببا في إنخفاض حوادث السير بنسبة 30% للعام 2015.
بمقارنة القانون الجديد، بالقديم، يقول سنّو، إن تعديلات جذرية تتناول الجوانب التفصيلية، من تنظيم الطرقات الى تدريب السائقين، إمتحانات القيادة، تسجيل الآليات، تطوير آلية الحصول على رخصة القيادة من خلال مدارس مختصة، ومدربين حائزين على شهادات تعليم قيادة من المعاهد، لكن نتيجة حال الشلل التي تصيب أجهزة الدولة الرسمية كافة يستمر القديم على قدمه، على سبيل المثال، إمتحان السوق في لبنان من قانون وضع في الستينات لا يزال يطبق حتى يومنا هذا تقود السيارة أمتارا قليلة الى الأمام والوراء.
أما الأسباب المباشرة، برأيي سنّو، فتتمثل بأخطاء السائقين، حيث يعتبر الإنسان السبب الرئيسي لكثير من الحوادث، نظرا للدور الذي يقوم به عند تعامله بشكل خاطئ مع الطريق والمركبة، من أبرز هذه التصرفات: السرعة الزائدة، عدم التقيد بنظام السير على الطرق، مثل تجاوز السرعة المقررة فضلا عن التجاوزات المتهورة بين المركبات، والإنعطاف الخاطئ والسير بعكس السير، أو بسبب استعمال الهاتف الخليوي والأهم من ذلك، إنتشار الدراجات النارية وعدم التزام سائقيها بقواعد السلامة المرورية، مشيرا الى ان الوضع الإقتصادي المتدهور دفع الشباب أكثر نحو اقتناء هذه الوسيلة للتنقل، وهي المسبب الأكبر لوقوع الضحايا، فيتجه اللبناني أو النازح السوري وغير السوري الى الدراجة النارية لاستعمالها في تنقلاته اليومية نظرا الى انخفاض مصروفها وقدرتها على استيعاب معظم أفراد العائلة بعد ادخال تعديلات طفيفة على مقعدها.
ويؤكد سنّو، أن السلامة المرورية في ظل الظروف الحالية في لبنان تستدعي الوعي ثم الوعي، إذ يجب على السائقين التزام قوانين السير وتجنب السلوكيات الخطرة مثل السرعة، والإبتعاد عن استخدام الهواتف النقالة، فمن خلال تعزيز الوعي يصبح من الممكن تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من حوادث السير.
وتوقف سنّو، عند آخر الإبداعات، الإعلان التسويقي والترويجي على مواقع التواصل الإجتماعي لكاتم مصنوع من خليط معدني يتوافق مع مشبك حزام مقعد السيارة الخاص بالسائق يهدف لعدم وضع حزام الأمان يرواح سعره ما بين 5 و 6 دولارات مناشدا باسم اليازا الداخلية وقوى الأمن الداخلي ملاحقة من يقوم بالترويج والتسويق لافتا الى ان نشر وبيع هذه القطعة يشجع الناس على مخالفة القوانين والأنظمة.
وقال في تصريحاته لـ «الشرق» أن غياب النقل العام والمشترك، وغياب خطط لتطويره يفاقم الأزمة، ما أدّى الى تكاثر السيارات وإعتماد القسم الأكبر من الناس على سياراتهم الخاصة، فإن إنشاء نقل عام حديث يقلل من الزحمة المرورية، ويساهم في تقليل احتمال حوادث سير ووفيات، لكن، محاولة احياء النقل العام الرسمي، فشلت في وصل شرايين الحياة الممتدة من العاصمة بيروت الى كل المناطق البعيدة بسبب نقص التمويل وعدم التخطيط الملائم.
وأكد أن السلامة على الطرق في لبنان تحتاج الى توافر القرار السياسي، محملا الحكومات المتعاقبة والوزارات المعنية منذ التسعينات مسؤولية ضحايا حوادث السير، مضيفا: سرقوا المصريات ولم يقوموا بتعبيد طريق واحدة، مؤكدا أن الحالة المرورية في لبنان اليوم سيئة وخطرة للغاية.
اما ضعف البنية التحتية للنقل، التي تعاني من التدهور والإهمال الطويل الأمد وغياب الصيانة الدورية للطرقات وغياب الإنارة ليلا أكان في الأنفاق والطرقات فضلا عن الغياب شبه الكامل لإشارات المرور، فيمكن ان تؤدي أيضا الى زيادة حوادث السير، هذا ما أكده نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء في لبنان المهندس مارون الحلو في حديث لجريدة «الشرق» ويذكر أن حوادث السير في لبنان تأثرت بالأزمة الإقتصادية التي يمرّ بها لبنان منذ العام 2019 بحسب حلو، مؤكدا أن الطرق لم تعرف الصيانة منذ سنوات، فالبنية التحتية نوعا ما مهترئة وبحاجة كما الطرق الى الصيانة، تليها الأمور التي تتعلق بالموازنات وقلّة الإعتمادات لتنفيذ الأشغال المتعلقة بمشاريع إنشاء الطرق أو تطويرها أو تأهيلها.
وقال حلو، سجل في الفترة الأخيرة نوع ما من الحركة بفضل بعض المشاريع الممولة من الصناديق العربية والمؤسسات الدولية كالبنك الدولي، أدّت الى تمويل بعض المشاريع وساهمت بقبض المقاولين مستحقاتهم لدى هذه الجهات.
وأوضح، أن وزارة الأشغال وجدت حلا للطرق الأكثر تضررا بالتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار وفقا للموجود، من خلال القرض الذي قدّمه البنك الدولي البالغ 200 مليون دولار، استخدم الجزء الأكبر منه في إصلاح الطرق التي تحتاج الى تأهيل وتطوير، أما المبلغ المتبقي والبالغ 22 مليون دولار أميركي فسيستخدم لصيانة الطرق.
عدا ذلك، مبادرة إنسى جورة التي تقوم بها mtv بالشراكة مع undp التي باتت متوافرة عبر التطبيق الهاتفي، مؤكدا أن صيانة الطرقات التي تجري اليوم في مختلف الأقضية اللبنانية بتمويل خارجي بالتعاون مع البنك الدولي مشددا على اهمية السير بهكذا عروض في الوقت الراهن.
وأضاف الحلو، أن صيانة شبكة الطرقات في لبنان المصنفة نحو 6700 كلم وحدها تتطلب حوالى 5 مليارات دولار أميركي، بما فيها صيانة الأوتوسترادات، مؤكدا أن احدا من المقاولين في لبنان لن يدخل في أي مناقصة من مناقصات الدولة لصيانة الطرقات في ظلّ تقلب سعر صرف الدولار، قائلاً: لأنه عند إعداد دفتر الشروط لصيانة الطرقات يكون صرف الدولار بسعر أمام الليرة وعند استدراج العروض يتغير سعر صرف الدولار وعند التلزيم يختلف السعر وعند العمل وعند القبض.
وختم الحلو، إن أي مشاريع جديدة استثمارية في هذا القطاع وغيره، ترتكز على انتظام الحياة السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية ووضع رؤية اقتصادية تنقذ لبنان من أزماته، لافتا الى ان عشرات المشاريع الإستثمارية لا سيما المتعلقة بترميم البنية التحتية وصيانة الطرقات توقفت عن العمل بفعل الأزمة السياسية القائمة بالإضافة الى المشاكل المالية والنقدية التي منعت بدورها تنفيذ تلك المشاريع منذ بدء الأزمة في العام 2019.
#سنو #لـ #الشرق #السلامة #المرورية #في #لبنان #خطرة #للغاية #وتنظيمها #يحتاج #الى #توافر #القرار #السياسي #والحلو #صيانة #الطرق #في #لبنان #تجري #اليوم #بتمويل #خارجي #ووضعها #السيئ #هو #الذي #يسبب #حوادث #السير #جريدة #الشرق #اللبنانية #الإلكترونية #ElShark #Lebanese #Newspaper