كتبت تيريز القسيس صعب
تواجه دول اوروبا ازمة اقتصادية حادة، وتضخما كبيرا جراء الحرب الروسية على اوكرانيا، لدرجة ان اقتصادات القارة الاوروبية تتأثر بشكل مباشر بهذه الحرب وتداعياتها لا سيما في قطاع النفط.
فالصراع الروسي – الأوكراني شكل ضربة للإقتصاد العالمي، واعاق النمو وتطور العجلة الاقتصادية العالمية. فروسيا التي كانت تمد أوروبا بنسبة ٣٧% من الغاز الطبيعي، اربكت قطاعات الإنتاج في فرنسا، المانيا، إيطاليا وهولندا وغيرها من الدول التي تستخدم هذه المادة في الصناعات الخشبية والكهربائية… وعجزت حكومات تلك الدول عن إيجاد بدائل عن الغاز الروسي. كذلك الامر فإن القطاع الزراعي الذي يعتمد على مواد إنتاجية من روسيا مثل الحبوب والزيوت ودوار الشمس…ايضا اثر على الإنتاج في دول أوروبا خصوصا وان إغلاق المجال الجوي من وإلى أوروبا وروسيا، اوقف كل تبادل تجاري واقتصادي، وترك اثرا قويا على دول أوروبا. ويعتبر المتابعون الاقتصاديون ان هذه الحرب ضربت ايضا القطاع المالي، والاستثمارات المالية الروسية في دول الاتحاد، كما الاستثمارات الأوروبية في الاقتصاد الروسي، وادى ذلك الى انهيار كبير في الشركات والمؤسسات المالية الأوروبية المالكة لتلك الاستثمارات. فالخسارة الاكبر والتي ستكون عبئا قويا على اوروبا هي خسارة امدادات الطاقة والتي تزيد عن ٥ ملايين برميل يوميا، غير ان البدائل في تمويل اوروبا من قبل الدول النفطية المنتجة كالسعودية والامارات وايران… سينتهي الى ارتفاع في أسعار النفط بشكل عام والذي بطبيعة الحال سيؤدي الى ارتفاع في قطاعات النقل كافة، ويطال معيشة المواطنين الاوروبيين. ويقدر الاقتصاديون ان حجم الخسارة الأوروبية جراء الحرب الروسية على اوكرانيا تفوق الـ٨٠٠ مليار يورو، والمرجحة ان تتضاعف، مع زيادة وقف امدادات الغاز الذي يصل إلى اكثر من ١،٥ تريليون دولار. فروسيا وأوكرانيا تمدّان العالم بـ ٢٥% من القمح العالمي، وقد ادت الحرب إلى إرتفاع أسعاره، الامر الذي هدد الأمن الغذائي العالمي. كما أن روسيا وأوكرانيا تُنتج الأعلاف للدواجن والماشية، ما أدى إلى إرتفاع أسعار اللحوم. فكل دول أوروبا تأثرت بالحرب بصورة كبيرة، لأنها تحصل على ٤٠% من إمدادات الطاقة من روسيا، فألمانيا وحدها تستورد أكثر من ٦٠% من إمدادات الطاقة من روسيا، كما أن دولتي التشيك ولاتفيا تستوردان ٩٥ % من حاجاتهما للطاقة.
آثار سلبية
ويظهر جليا ان الآثار السلبية لهذه الحرب طالت مختلف دول العالم ان عبر ارتفاع أسعار السلع الأولية، كالغذاء والطاقة بشكل لافت، او عبر تحويلات العاملين في الخارج، اضافة الى تزايد البطالة وانعدام الانتاجية… وبما أن روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المُنتجة للسلع الأولية، فقد أدّت انقطاعات الإمداد إلى إرتفاع الأسعار العالمية بصورة جنونية، ولا سيما أسعار النفط والغاز الطبيعي، والقمح… وان اكثر البلدان تأثراً بهذه التداعيات، هي البلدان التي لديها علاقات تجارية سياحية ومالية. ويرى المتابعون انه في حال استمرت الحرب على ما هي عليه اليوم، فإن تاثيراتها ونتائجها قد تؤدي إلى تبديل النظام الإقتصادي والجيو – سياسي العالمي من أساسه، ما قد يؤدي إلى زيادة حدة التوترات، ومزيد من الانهيارات الاقتصادية. وتؤكد المراجع الاقتصادية ان روسيا وأوكرانيا هما أُولى الدول الأوروبية المتضرّرة جرّاء هذه الحرب التي عطلت الاقتصاد الاوكراني في الدرجة الأولى بشكل شبه كامل، ناهيك عن أن فرض العقوبات المالية القاسية أسهم إلى حد كبير في تعطيل وعرقلة الحركة الاقتصادية والانتاجية في روسيا، واعاق كل تبادل تجاري لروسيا نحو العالم.
توازياً، ترافق فرض العقوبات على روسيا مع توقف العديد من الشركات العالمية عن العمل معها تفادياً لأي اجراءات عقابية عليها تنعكس سلبا على صورتها وتعاملها الخارجي. لذا فان العقوبات الدولية كانت تشكل دائما حاجزا منيعا في تخطيها، وجدارا ثابتا لأي اختراق محتمل. الا ان اوروبا تسعى للبحث عن بدائل اخرى لسد حاجاتها من الطاقة، وإحدى البدائل التي يتم التداول بها والتفاوض عليها، هي إمدادها بالغاز القطري عوضاً عن الغاز الروسي. الا ان المراقبين يرون أن تحويل الغاز القطري إلى دول الإتحاد الأوروبي، سيحتاج إلى مزيد من الوقت، لكن يُمكن لدول أخرى منتجة للغاز إلى جانب قطر، مثل الجزائر ومصر، أن تُساهم في تقليل إعتماد الأوروبيين على الغاز الروسي، وسدّ جزء من حاجاتهم. كما أن دولاً منتجة للنفط مثل السعودية والعراق والكويت والإمارات، يُمكنها المساهمة في تقليل إعتماد أوروبا على النفط الروسي.
#هل #تبقى #أوروبا #صامدة #أمام #قطع #إمدادات #الطاقة #الروسية #أم #تتحول #نحو #دول #الشرق #الأوسط #جريدة #الشرق #اللبنانية #الإلكترونية #ElShark #Lebanese #Newspaper